كان أكثر ما يزعجني في طفولتي هو أنني أكون مضطرا للاستيقاظ مبكرا!
كنت أكره المدرسة لأسباب عديدة منها هذا الموضوع بالذات.. لماذا أستيقظ والنوم لايزال في عينيّ, كي أغسل وجهي بالماء البارد على صوت الراديو الذي يقول:
"يا صباح الخير يا اللي معانا..
يا اللي معانا..
الكروان غنى وصحانا..
وصحانا..!!"
من منا يحب الاستيقاظ مبكرا؟ أعتقد أن الإجابة المنطقية هي: لا أحد.
قديما قالوا لنا إن الاستيقاظ مبكرا مهم.. وأن العصفورة التي تستيقظ مبكرا هي التي تجد الدودة وما إلى ذلك..
فهل هذا صحيح؟
في ضوء التنمية الذاتية, هل الاستيقاظ مبكرا, مهم فعلا؟
الناجحون
سألني صديقي الصحفي الشهير هذا السؤال.. هل الاستيقاظ مبكرا له علاقة بالنجاح فعلا؟ فقلت له بلا تردد:
- ملاحظتي هي أن معظم الناجحين يستيقظون مبكرا فعلا!
محمد البرادعي - أحمد زويل - مجدي يعقوب - نجيب ساويرس- عمرو موسى- عمر سمرة - حسن شحاتة...أكدوا في حوارات كثيرة, أنهم يستيقظون مبكرا..
فما هي العلاقة؟
لكي نجيب على هذا السؤال.. دعونا نفكر معا:
ما هي فوائد الاستيقاظ مبكرا؟
نشاط أكثر معظم الناس يستيقظون ويذهبون إلى عملهم أو دراستهم في استعجال وكأنهم في صراع مع الزمن.
الاستيقاظ مبكرا يعطيك فرصة أكبر للقيام بنشاطات قد لا تقوم بها عادة.. الإفطار الجيد - قراءة الجريدة - قراءة البريد - الاستحمام - الصلاة - تحضير جدول لما تريد القيام به اليوم.
القيام بهذه الأشياء سيجعلك أكثر نشاطا حين تخرج من منزلك.. لأنك استعددت جيدا ولم تخرج وأنت لسه عايز تنام.
زحام أقل الذهاب للعمل أو الدراسة مبكرا, سيجعلك بعيدا عن أوقات الذروة, ويجعل رحلتك أكثر هدوءا وسهولة..
سترى الجانب الجميل من مدينتك وتتمتع بلحظات من الهواء النقي قبل أن تلوثه عوادم زحام السيارات.
يوم أطول حين يأتي المساء, نشعر أن اليوم قد انتهى وحان وقت الراحة!
حين تستيقظ مبكرا, يعطيك هذا شعورا بطول فترة النهار وستظل منتبها لفترة أطول.. وهو شيء مهم لساعتك البيولوجية؛ فالجسم يبدأ في الخمول وتشعر أن اليوم قد انتهى حين يأتي المساء, مهما كان عدد ساعات نومك.
إنجاز أفضل حين تستيقظ مبكرا, يمكنك قضاء أكثر من مهمة في يوم واحد ولو كنت ذاهبا لإنهاء إجراءات ما في مصلحة حكومية ما؛ فيمكنك القيام بعدد أكبر من هذه المشاوير وإنجاز المزيد, قبل أن تغلق هذه المصالح ويقول لك الموظف: فوت علينا بكره!
مزاج أروق! حين تشعر أن النهار كان طويلا، وأنك أنجزت الكثير في هذا اليوم, سيكون مزاجك أكثر اعتدالا, منك لو كنت تقضي فترات أطول في الليل.
في ألاسكا (قرب القطب الشمالي) هناك مناطق يكون فيها النهار 6 أشهر, و المساء 6 أشهر (هل تعرف هذه المعلومة؟)
والناس في هذا المكان, الذين لم يعتادوا على تغيّر فترات الليل والنهار, يعانون من العصبية واختلال ساعتهم البيولوجية واضطراب واضح في الشخصية.. تعاقب الليل والنهار بشكل صحيح مهم جدا لحالتنا النفسية.. أي أنك حين تستيقظ صباحا وتنام مساءا, ستتمتع -علميا- باتزان نفسي أكبر.
نوم أعمق قضيت نهارا أطول.. وأنجزت أشياء أكثر.. بالتأكيد حين يأتي المساء وتذهب إلى النوم, لن تعاني من الأرق المعتاد لهواة السهر.. بل ستشعر بالرضى عما أنجزته في هذا اليوم, وسيجعلك هذا تتمتع بنوم أهدأ.
ستلاحظ أنك ذهبت للنوم في موعد مبكر عما اعتدت.. كما أنك ستكون قادرا على الاستيقاظ مبكرا في صباح اليوم التالي.
قرارات أصح! أثبتت دراسة علمية أن هؤلاء الذين لا ينامون فترات كافية, يعانون من عدم القدرة على اتخاذ قرارات صحيحة بسرعة, كم يعانون من صعوبة في التركيز.
النوم مبكرا سيعطيك فرصة أفضل لنيل قسط أوفر من النوم, كي تستيقظ وأنت بأفضل كفاءة ذهنية ممكنة.
عزيزي القارئ.. قل لي..
أليس منطقيا أن يكون هذا هو نظام حياة الكثير من الناجحين؟
بقلم: د.شريف عرفة